التقارير

سلطات الاحتلال الإسرائيلي استولت على آلاف الدونمات بمحيط القدس بحجة توسيع حدود المدينة وطرد السكان الفلسطينيين منها.

ضمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي شرقيّ القدس إلى حدود فلسطين المحتلة عام 1948م في خطوة مخالفة للقانون. منذ الضمّ تتعامل إسرائيل مع السكّان الفلسطينيين هناك كمهاجرين غير مرغوب فيهم – رغم أنّها هي الدخيلة عليهم – وتطبّق سياسة منهجيّة غايتها ترحيلهم عن منازلهم ومدينتهم.

ففي حزيران 1967 مباشرة بعد احتلال الضفة الغربية ضمّت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو 70 ألف دونم من أراضي الضفة إلى مسطح نفوذ بلدية القدس وطبّقت فيها القانون الإسرائيلي مخالفة بذلك القانون الدولي.

 تجاوزت الأراضي التي ضمّتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بكثير مساحة شرقيّ القدس (التي امتدّت على نحو 6000 دونم فقط) إذ اشتملت على ما يقارب 64000 دونم إضافية معظمها أراضٍ تتبع لـ 28 قرية فلسطينية تقع في الضفة الغربية، وبعضها يتبع مسطّح نفوذ بلديّتي بيت لحم وبيت جالا. يعيش اليوم في المناطق المضمومة 350 ألف فلسطيني على الأقلّ وقرابة 209 آلاف مستوطن يهودي.

تهدف سياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي في شرقيّ القدس إلى تحويل حياة السكّان الفلسطينيين لجحيم لدفعهم إلى الرحيل عن المدينة وخلق واقع ديمغرافي وجغرافي يُحبط أيّة محاولة مستقبليّة لزعزعة سيادة دولة الاحتلال في شرقيّ القدس. الفلسطينيون الذين يغادرون المدينة بسبب هذه السياسة أو لأيّ سبب آخر يخاطرون بفقدان مكانة الإقامة وفقدان حقوق الضمان الاجتماعي المرتبطة بها. بهذه الطريقة سلبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ 1967 مكانة “المقيم الدائم” من نحو 14500 فلسطيني من سكّان شرقيّ القدس.

مساعي سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتغيير الواقع الديمغرافي في المدينة تجري على مستويات عدّة:

  • مصادرة الأراضي وتقييد البناء…

 مقابل البناء واسع النطاق وتوظيف الأموال الطائلة في الأحياء المخصّصة لليهود فقط وفي كتل الاستيطان التي تشكّل “القدس الكبرى” تبذل سلطات الاحتلال الإسرائيلي جهودًا كبيرة لمنع التطوير والبناء المخصّص للسكّان الفلسطينيين. في إطار هذه السياسة صادرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967 ثُلث الأراضي التي ضمّتها إلى القدس – 24500 دونم، معظمها أراضٍ بملكيّة فلسطينية خاصّة. بنت إسرائيل على هذه الأراضي 11 حيًّا مخصّصة للسكّان اليهود فقط ولا تختلف مكانتها عن مكانة المستوطنات في بقيّة مناطق الضفة الغربية. فور الضمّ ألغت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جميع الخرائط الهيكليّة الأردنيّة التي كانت سارية في المناطق المضمومة وأنشأت فراغًا تخطيطيًّا امتلأ فقط تدريجيًّا – لم تتّخذ إسرائيل مثل هذه الخطوة في بقيّة مناطق الضفة. فقط في بداية الثمانينات أعدّت بلدية القدس خرائط هيكلية لجميع الأحياء الفلسطينية في شرقيّ المدينة وكانت ميزتها الأبرز المساحات الشاسعة التي جرى تخصيصها كـ”أراض ذات إطلالة” يُمنع فيها البناء. تفيد معطيات العام 2022 بأنّه بعد إجراء بعض التعديلات على الخرائط الهيكلية بلغت نسبة هذه المساحات في الأحياء الفلسطينية نحو 35%. وتخصَّص هذه الخرائط للسكن فقط نسبة 15% من مساحة شرقيّ القدس (وتشكّل نحو 8.5% من إجمالي المسطّح البلدي) علمًا أنّ نسبة السكان الفلسطينيين إلى مجمل سكّان المدينة تبلغ نحو 40%.

  • عزل القدس وفصلها عن بقيّة مناطق الضفة…

قبل الاحتلال كانت القدس الأردنية مركزًا اقتصاديًّا وطبيًّا وثقافيًّا ودينيًّا بالنسبة لكثيرين من سكّان الضفة الذين واصلوا أيضًا بعد الضمّ العمل والدراسة في المدينة واقتناء حاجيّاتهم منها. ولكن في بداية تسعينات القرن الماضي نصب الاحتلال الإسرائيل حواجز في عُمق الضفة الغربية ومنذ ذلك الحين تمنع الفلسطينيين سكّان الضفة من دخول المدينة إلاّ بتصريح خاصّ يصدر عنها. علاوة على ذلك نصبت الشرطة حواجز عند مداخل بعض الأحياء الفلسطينية في المدينة ما صعّب تنقّل السكّان. هذه القيود أضرّت بمكانة شرقيّ القدس كمركز إقليميّ.

  • التمييز في الميزانيات وتقديم الخدمات البلدية…

يُطالَب سكّان شرقيّ القدس بدفع الضرائب مثلهم كمثل بقيّة سكّان المدينة ولكنّهم لا يحصلون على الخدمات نفسها. بلدية القدس تمتنع بشكل ممنهج ومقصود عن توظيف الأموال بشكل جدّي في مرافق البنى التحتية والخدمات في أحياء القدس التي يسكنها الفلسطينيون – هذا القصور يشمل الشوارع والأرصفة ومرافق المياه والمجاري ومؤسّسات التعليم والثقافة. آثار هذه السياسة تكاد تطال جميع مناحي حياة الفلسطينيين في شرقيّ القدس.

هذا كله يسبق طلب الأمم المتحدة رأي استشاري باعتبار الاحتلال الإسرائيلي ضد القانون وأنه لا يحتاج إلى مفاوضات لتأكيد ذلك. ونؤكد على ضرورة اعتبار كافة الخطوات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي مخالفة للقانون الدولي الذي يؤكد على عدم شرعية التغييرات الديمغرافية والجغرافية والقانونية التي يقوم بها الاحتلال واعتبارها غير موجودة وأن المرجعية للوضع تكون على ما كانت عليه قبل الاحتلال.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى