التقارير

آلاف المفرج عليهم من المعتقلين المصريين ملاحقين في أرزاقهم والتضييق عليهم في سبل معيشتهم

 يشكِّل الخروج من السجن أملًا للمعتقلين في مصر، إلا أن أسئلة ما بعد السجن تظل تؤرق هؤلاء المفرج عنهم، خصوصًا ما يتعلق منها بالعمل أو السفر، في الوقت الذي تؤكد فيه لجنة العفو الرئاسية أنها تعمل على هذا الملف.

ووفقًا لمصادرنا في جمهورية مصر العربية، فإن مصير الآلاف من الرجال والنساء المحتجزين على ذمة قضايا سياسية بأيدي الأجهزة الأمنية، وبالتحديد قطاع الأمن الوطني (أمن الدولة سابقًا) والمخابرات العامة، وليس النيابة والقضاء كما تؤكد السلطة.

وعند استطلاعنا آراء بعض المعتقلين السابقين -سواء من النشطاء السياسيين أو المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، أو من أحزاب ليبرالية، أو حتى المواطنين العاديين الذين انتقدوا النظام عبر بعض حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل- فقد أكد أغلبهم أن: “كثيرين ممن أفرج عنهم صدموا بعدم قدرتهم على العمل بسبب المضايقات الأمنية “.

ومن الحالات المعروفة، حالة القيادي في حركة “6 أبريل”، شريف الروبي، الذي أعيد اعتقاله قبل أيام بعد نحو 4 أشهر من الإفراج عنه، وهي أحد الأمثلة الواضحة على تلك المعاناة. وقد صرح لنا بها عن طريق اتصال هاتفي، إذ لم يستطع الحصول على عمل يقتات منه لعياله.

وقال الروبي عن معاناة المعتقلين بعد الإفراج عنهم، ولا نتحدث هنا عن النظام ولا معارضته، قد أتعرض بعد هذه المداخلة للاعتقال مجددا”، مضيفا أن “أي معتقل سياسي عندما يخرج (من السجن)، مهما كان وضعه، يكون في وضعية سيئة للغاية”.

ونقلت المحامية ماهينور المصري -وهي معتقلة سابقة – عن أحد المحامين الذي حضر التحقيق مع الروبي، أن النيابة واجهته بما كتبه من آراء على الفيسبوك عن صعوبة الأوضاع بعد السجن، مضيفة أن الروبي شرح لوكيل النيابة وضعه الاقتصادي الصعب كأب لأسرة بها 3 أطفال بالمدرسة ولا يجد وظيفة بسبب ظروف حبسه.

وقد ادى إعادة اعتقال الناشط شريف الروبي، على خلفية تصريحاته عن أوضاعه المعيشية الصعبة بسبب الملاحقة الأمنية، تعاطفا واسعا وشجع المعنيين بقضايا المعتقلين على تسليط الضوء على تلك المشكلة.

وفي إطار التضييق على المعارضين في مجال العمل، فصلت وزارات الدولة المختلفة آلاف الموظفين سواء في الصحة أو التعليم أو الأوقاف أو غيرها من الوزارات بسبب انتماءاتهم وآرائهم السياسية، رغم أنهم لم يلق القبض عليهم ولم يحبسوا على ذمة أي قضايا سياسية.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أصدر وزير التعليم المصري السابق طارق شوقي قرارا بفصل 1070 معلمًا، في واحدة من أكبر عمليات الفصل الجماعي بالوزارة، بدعوى أنهم أصحاب أفكار متطرفة وعليهم أحكام قضائية.

وفي القانون رقم 10 لسنة 1972، لا يسمح بفصل الموظفين بغير الطريق التأديبي، لكن المشرع المصري أجرى تعديلات على القانون في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وواجهت انتقادات حادة باعتبارها تهدف “للتنكيل بالموظفين ذوي الآراء السياسية المعارضة للحكومة”.

ونرى أن قطع الأرزاق كما يحدث الآن غير مسبوق في تاريخ مصر السياسي، وتحول إلى قاعدة، وما قيل بخصوص هذا الشأن من قبل لجنة العفو الرئاسي هو اعتراف بأن هناك تضييقا على حياة المفرج عنهم.

ونطالب السلطات المصرية التوقف عن مضايقة المفرج عنهم من معتقلي الرأي، ونؤكد على حقهم بالعيش الكريم وحرية الحركة، وهذه أبسط الحقوق التي كفلتها المواثيق والشرائع الدولية والمحلية، ونؤكد على أن مواصلة التضييق على المعتقلين السابقين يؤدي إلى زيادة التوتر في الشارع المصري، ولا يساعد على عودة الحياة السياسية والاجتماعية إلى طبيعتها.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى