إعدامات بالجملة في مصر
بالأمس أصدر القضاء المصري ممثلا في أعلى درجاته من محكمة النقض قراره بتثبيت حكم الإعدام بحق العشرات من المعارضين المصريين، وكان هذا الحكم تثبيتاً لأحكام سابقة بالإعدام من محاكم أقل درجة في القضاء المصري، والناظر في الأحكام يعلم بوضوح أن الأحكام غير قائمة على أدلة حقيقية سوى إرادة النظام المصري بالإطاحة بكل المعارضين.
ومنذ بداية العام الحالي 2021م نفذت الحكومة المصرية أحكام الإعدام بما لا يقل عن عشرين شخصاً وحكمت على ما يزيد عن ثمانين شخصاً بالإعدام، وأحالت أوراق ما يقرب من ستين شخصاً إلى المفتي، وهذه الأرقام المرعبة تنبئ عن مدى الانهيار الذي تتعرض له الدولة المصرية فيما يتعلق بالقضاء العادل واحترام حقوق الإنسان.
لا تكتفي السلطات المصرية بجريمة الإعدام بعد محاكمات مسيسة وحسب، بل تعمد إلى أعلى درجات القمع الممكن بحق المعتقلين وذويهم، فحتى اللحظة لا تلتزم الحكومة المصرية بقانون الإجراءات الجنائية المصري بإبلاغ أهالي المحكوم عليهم بالإعدام بميعاد التنفيذ والسماح لهم بزيارة المحكوم عليه وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون المصري.
وينص القانون على أن أقارب المحكوم عليه بالإعدام لهم الحق في أن يقابلوا المحكوم في اليوم الذي يعين لتنفيذ الحكم، على أن يكون ذلك بعيداً عن محل التنفيذ، وإجراء التسهيلات اللازمة لتمكين أحد رجال الدين من مقابلته لإتمام أي فروض دينية قبل الموت، كما ينص القانون المصري على حضور المحامين كما نصت المادة 474 من القانون على إلزامية إعطاء الأذن للمدافع عن المحكوم بحضور التنفيذ.
كما أن الحكومة المصرية لا تلتزم بمعايير الشفافية وإتاحة المعلومات حول تنفيذ عقوبة الإعدام مما ينتج من تعتيم من قبل وزارة الداخلية وعدم إعلان إسماء المنفذ عليهم العقوبة مما يؤدي إلى إصابة أهالي المُنفذ بهم الحكم بالرعب لعدم تأكدهم من صحة المعلومات المنشورة إعلامياً.
وقانون العقوبات المصري لا يرتب جزاء أو عقوبة على مخالفة النصوص القانونية الخاصة بتنفيذ عقوبة الإعدام، وهو الفراغ التشريعي الذي يساعد جهات التنفيذ على عدم الامتثال للقواعد القانونية ولمبدأ سيادة القانون الذي أكد عليه الدستور المصري، فعدم إخبار أهلية المحكوم عليهم بموعد تنفيذ حكم الإعدام أمر ينال من كرامية وآدمية المنفذ عليهم تلك العقوبة.
وهذا التسارع في وتيرة تنفيذ الإعدامات الجماعية أمر غير مسبوق، وينذر بأن مصر سوف تكون منافساً قوياً على الترتيب الأول عالميا في تطبيق عقوبة الإعدام في العام 2021، وهو أمر أشد رعباً؛ بعدما جاءت مصر في الترتيب الثالث عالميا في 2020 بعد الصين وإيران، حسب التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية.
وعلى عكس الأحكام السابقة فلم نعد نسمع حتى الإدانات أو المطالبات الشكلية بوقف أحكام الإعدام الصادرة عن القضاء المصري الموالي للسلطات، ولم تعد الدول الغربية المتشدقة بالديمقراطية تتحدث عن أي عقوبات تجعل النظام المصري يحجم عن تنفيذ هذه العقوبات دون محاكمات عادلة أو أدلة حقيقية. إننا ندعو بقوة إلى تدخل العدالة الدولية لوقف هذه المذابح والعمل على الإفراج عن كافة معتقلي الرأي والعمل السياسي في سجون السيسي فوراً، وعدم الاكتفاء بإدانات خجولة لا تغير شيء من الأمر الواقع شيء.