الإيغور حقوق مسلوبة تتنازعها القوى العالمية
الإيغور إثنية مسلمة، تعود أصولهم عرقيا إلى الشعوب التركية، وهم أقرب عرقياً وثقافياً لشعوب آسيا الوسطى. يبلغ عددهم 11 مليون شخص ويشكلون نحو 45 في المئة من سكان إقليم شينغيانغ، في حين تبلغ نسبة الصينيين من عرقية الهان نحو 40 في المئة. والإقليم الواقع في شمال غربي البلاد هو أكبر إقليم في الصين ويتمتع بالحكم الذاتي مثل التبت، ويجاور الإقليم الهند وافغانستان ومنغوليا. في أوائل القرن العشرين أعلن الإيغور استقلالهم لفترة وجيزة، لكن الإقليم وقع تحت سيطرة الصين الشيوعية عام 1949. منذ ذلك الحين، انتقل عدد كبير من عرقية الهان إلى الإقليم.
إجراءات حكومية؛ فقد عمدت الحكومة ومنذ تولي الحزب الشيوعي زمام الحكم في جمهورية الصين على تغيير التركيبة الإثنية للبلاد وقد طال هذا الأمر مختلف الأعراق والجماعات المقيمة على الجغرافية الصينية، ولجأت الحكومة إلى نزع الصفة المميزة لكل إثنية معتبرة أن الجميع يجب أن يصطبغ بالصبغة الحزبية للدولة. وقد انتهجت الحكومة الصينية برنامجًا أفضى إلى إفراغ الإقليم من الإيغور وتوطين سكان من أغلبية الهان الحاكمة، وذلك لهدف أيدولوجي معلن، وهدف خفي؛ يتمثل بغنى الإقليم ومساحته الهائلة، إذ يعتبر الإقليم الأكبر مساحة في الصين وأغناها بموارده الطبيعية. هذا ما جرّ على الإقليم قوات الحزب الحاكم، وفي الفترة الأخيرة تصاعدت وتيرة الانتهاكات لحقوق الإيغور، حيث قامت الحكومة الصينية بوضع أكثر من مليون مواطن من الإيغور داخل معسكرات مغلقة نازعة منهم كل حقوقهم، وتتعامل معهم كأدوات انتاج لا حقوق لها، وخرجت هذه التصرفات للعلن عندما لقيَ نحو 200 شخص حتفهم في أحداث عنف وقعت في عاصمة الإقليم أورومكي في يوليو تموز عام 2009. وتبعها إجراءات حكومية بتطبيق مجموعة من القوانين منذ مطلع أبريل / نيسان عام 2017 حيث يلزم بموجبها موظفو الدولة في الأماكن العامة من بينها محطات الركاب والمطارات، بمنع النساء اللاتي يغطين أجسادهن بشكل كامل بما في ذلك وجوههن، من الدخول إلى هذه المرافق، وإبلاغ الشرطة عنهن. ومنع الزواج الشرعي لأبناء الإيغور والتحاقهم بمدارس خاصة بهم، ومنعهم من كافة الوظائف الحكومية واتلاف كتبهم الدينية (القرآن) وهدم المساجد، ومنع إطلاق اللحى ومعاقبة من يرفض مشاهدة التلفزيون الرسمي. ويتعرض الإيغور لانتهاك ممنهج وصل حد القتل والتعذيب للآلاف منهم، فيما منعت الحكومة الصينية تغطية هذه الأحداث من قبل الإعلام والصحافة الدولية، وبالإضافة لرفضها لمطالب المنظمات المعنية بحقوق الإنسان من الوصول إلى الإقليم ومعرفة حقيقة ما يحدث.
المجتمع الدولي، ويقف المجتمع الدولي بين موقف شاجب وموقف محايد، فيما تتعامل الولايات المتحدة مع الموضوع كوسيلة ضغط على الصين في الصراع التجاري الدائر فيما بينهم، وهي بين فارضة لبعض العقوبات وغاضة الطرف عنها حال تحسن الوضع معها، ومع قدوم حكومة جو بايدن إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة تم تقديم قانون لمجلس النواب الأمريكي وتم اقراره بـ 14\7\2021م من مجلس الشيوخ الأميركي، وهذا التشريع يحظر استيراد أي منتجات من إقليم شينغيانغ الصيني، في أحدث مساعي واشنطن لمعاقبة بكين على ما تقول إنها إبادة متواصلة ضد الإيغور وجماعات المسلمين الأخرى.
وسيوجِد قانون منع العمل القسري للإيجور “قرينةً” تفترض أن البضائع المنتجة في شينغيانغ تُنتج بالسخرة، وعليه فإنها محظورة بموجب قانون الرسوم الجمركية لعام 1930، ما لم تقر السلطات الأميركية بغير ذلك. وفي وقت سابق (23\3\2021م)، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مسؤولين صينيين، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان بحق أقلية الإيغور المسلمة في إقليم شينغيانغ، وذلك للمرة الأولى منذ 30 سنة.
هذه العقوبات لا تقف حائلًا أمام الصين في استمرارها بقمع أقلية الإيجور، بل تصرح بكين بالقول إن هذه الأقلية تثير الشغب وأن ما تقوم به بكين هو ضبط للأمن والحفاظ على النظام العام، وعدم اتخاذ إجراءات جدية من قبل المجتمع الدولي بحق الصين سيسمح لها بمسح أثر هذه الأقلية وضياع حقوقها.