السلطات الإسرائيلية تبتلع المدينة المقدسة وتدفع بأهلها للهجرة منها
صادرت إسرائيل منذ الاحتلال عام 1967 حتى الآن 35% من أراضي شرقي القدس بحجة استخدامها “للمصلحة العامة”. وصنّفت 87% من المساحة المتبقية كأراضٍ خضراء يُمنع البناء عليها، وبذلك بقيت مساحة الأراضي المخصصة للبناء للمقدسيين 13% فقط.
ومنذ احتلال شرقي القدس، عقدت إسرائيل العزم على عدم الانسحاب منها، ومباشرة بعد أيام اجتمعت الحكومة الإسرائيلية برئاسة ليفي إشكول (11 يونيو/حزيران 1967) لتبحث مستقبل المدينة.
وجاء في بند “مصادرة الأرض وبناء المستعمرات اليهودية” أن الحكومة الإسرائيلية لجأت في الأعوام الثلاثة الأولى بعد الاحتلال إلى خطوات إدارية لفرض الأمر الواقع وتثبيت وجودها وسيادتها، فتوقف العمل بموجب القوانين الأردنية، وانطلقت موجة مصادرات هائلة من خلال وزارة المالية الإسرائيلية بذريعة الاستملاك للمصلحة العامة.
المصادرة بقوة الاحتلال؛
في الفترة الواقعة بين عامي 1968 و1970 تمت مصادرة ما مجموعه 17 ألف دونم من أراضي القدس، وأقيمت عليها المستعمرات التالية:
- التلة الفرنسية: أقيمت على أراضي كرم اللويز، ومنطقة أرض السمار وهي امتداد لأراضي قرية لفتا المهجرة.
- رمات إشكول: أقيمت على أراضي منطقة البياض والمنطقة الحرام (المنطقة الفاصلة بين حدود عامي 1948 و1967).
- معلوت دفنا: أقيمت على أراضي حي الشيخ جراح.
- النبي يعقوب: أقيمت على أراضي بلدة بيت حنينا.
- راموت: أنشئت على أراضي قرى لفتا وبيت إكسا وبيت حنينا.
- تلبيوت مزراح: أقيمت على أراضي بلدتي صور باهر وجبل المكبر.
- جيلو: أقيمت على أراضي بلدة بيت صفافا.
- عطروت: أقيمت على أراضي كل من بلدة الرام وقلنديا وبيت حنينا وخصصت كمنطقة صناعية.
مصادرات أخرى؛
ويضاف إلى هذه المستعمرات أراضٍ أخرى صودرت وصُنفت كمساحات خضراء يمنع البناء عليها وأحياء يهودية صغيرة أخرى بُنيت بقوة الاحتلال. وبعد استنفاد إمكانيات البناء في أغلبية المساحات المصادرة، عادت سلطات الاحتلال وصادرت المزيد من الأراضي في بداية الثمانينيات، فاستولت عام 1980 على ما مساحته 4400 دونم من أراضي بلدتي شعفاط وبيت حنينا وبنت عليها لاحقا مستعمرة “بسغات زئيف”.
وفي العام 1982 صادرت 137 دونمًا لتضاف إلى المنطقة الصناعية في “عطروت”، وبالتزامن، استمرت إسرائيل في نشاطها الإعلامي للتأكيد على أن القدس “موحدة وعاصمة أبدية” لها.
ولم يتوقف هذا النهج بعد توقيع اتفاقية أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، إذ استمرت حكومة الاحتلال في تثبيت سيادتها على القدس الذي يسعى الفلسطينيون لتكريس الجزء الشرقي منها عاصمة لدولتهم.
ورُسمت حدود المنطقة التي تقرر ضمها لإسرائيل من شرقي القدس بناء على منظور أمني، سعى منذ احتلال المدينة إلى ضمان السيطرة على رؤوس التلال ومرور خط الحدود عبر أودية دفاعية.
بالإضافة لذلك فإن 87% من المساحة المتبقية صنّفتها إسرائيل كأراضٍ خضراء يُمنع البناء عليها أو صادرتها لإقامة شوارع، وبذلك بقيت مساحة الأراضي المخصصة للبناء للمقدسيين هي 13% فقط.
وكان بناء جدار الفصل العنصري منذ عام 2002، أداة أساسية إضافية للسيطرة على مزيد من الأراضي، وفي القدس شكَّل الجدار سدّاً محكمًا بين المدينة وبقية مناطق الضفة الغربية.
وما زال خطر مصادرة الأراضي والعقارات شبحًا يطارد المقدسيين بعد استنزاف ممتلكاتهم في شرقي المدينة على مدار 55 عامًا من الاحتلال.
ولعلّ الكابوس الأكبر الذي يطارد سكان حي الشيخ جراح وبلدة سلوان إما لصالح بناء وتوسيع مشاريع استيطانية بعد هدم منازلهم، أو الاستيلاء على العقارات عبر طرد المقدسيين وإحلال المستوطنين مكانهم.
ويهدد خطر التهجير القسري نحو ألفي مقدسي في حي الشيخ جرّاح، ونحو 7500 فرد يعيشون في 6 أحياء ببلدة سلوان جارة المسجد الأقصى.
وما زلنا نرى المجتمع الدولي يغض الطرف عن عنجهية الاحتلال الإسرائيلي بل دعمه في خطواته، بينما نراه يستحضر كل مواثيق وقوانين وحقوق الإنسان في الحرب الأوكرانية الروسية، بصورة تظهر مدى العوار والنفاق المصابة به المنظومة الدولية.