السلطات الدنماركية تعمل على ترحيل اللاجئين السوريين رغم علمها أن سيتعرضون للتعذيب والموت حال عودتهم
قرار السلطات الدانماركية أثار حالة من الرعب في أوساط اللاجئين السوريين خشية مواجهة مصير مجهول من قبل النظام السوري وأجهزته الأمنية، حال ترحيلهم قسرًا إلى سوريا.
فمازالت السلطات الدانماركية تتعرض لموجة كبيرة من الانتقادات الداخلية والخارجية، والضغوط الحقوقية والبرلمانية والسياسية الأوروبية، بسبب قرارها إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد أن صنفت الدانمارك دمشق وريفها “أماكن آمنة”.
وروت لنا السيدة سمر الفرا التي ولدت في داريا بريف دمشق وفيها تزوجت، وأنجبت 4 أولاد، وعملت في مشفى مدينتها، إلى أن غادرت إلى الدانمارك عام 2015 رفقة أولادها للالتحاق بزوجها من خلال قانون لم الشمل، قصتها مع اللجوء إلى الدنمارك.
تقدمت سمر بطلب اللجوء 2020 من أجل فصل ملفها عن ملف زوجها، وبعد إجراء مقابلة مع دائرة الهجرة التي استغرقت قرابة 9 ساعات، جاء القرار برفض لجوئها، وتم إبلاغها من قبل دائرة الهجرة بأن مناطق دمشق وريفها آمنة، لتمنح بعدها 15 يوما لمغادرة الدانمارك مقابل مبلغ مالي.
وتكمن مأساة سمر أن أبناءها مقيمون في الدانمارك، وجميع أفراد عائلتها يعيشون في دول أوروبية، وليس لها أي معيل في دمشق، فضلًا عن المصير المجهول الذي ينتظرها هناك في حال تم ترحيلها قسرًا وتسليمها للنظام السوري.
وأعربت سمر لمصدرنا عن حالة الرعب التي تعيشها خشية ترحيلها، وتتمنى أن تبقى قرب أبنائها في الدانمارك لإعانتها مع تقدمها في السن.
أمّا نادية أحمد المصري (43 عاما) فتنحدر من محافظة درعا جنوب سوريا لكنها ولدت في مدينة دمشق، إلا أن سلطات الهجرة الدانماركية تتعامل مع ملفها على أنها من دمشق وليس من درعا.
وصلت نادية الدانمارك عام 2015، ولا معيل لها ولا أبناء، وهي تعتمد على أخت لها تدعى منى وصلت بعدها مع 3 من أبنائها إلى الدانمارك في العام نفسه (2015) مقتفيين آثار سمير السويداني زوج منى، عام 2014. وحينها شعرت نادية بالأمان.
غير أن السلطات سحبت عام 2021 إقامة منى وسمير وابنتهما هبة الله (19 عاما) بناء على نفس القرار الحكومي، مما دفع عائلة شقيقتها منى للتوجه إلى ألمانيا بحثا عن مكان آمن، إلا أنهم ينتظرون تسليمهم إلى السلطات الدانماركية بناء على اتفاقية دبلن.
أما نادية فقد حصلت على إقامة حماية تعرف بـ (3/7) لعام 2016، وتوجب عليها تجديد الإقامة كل عام. وسنة 2020 تم رفض التجديد ومن ثم سحب الإقامة.
وطوال الفترة الماضية كانت نادية تعمل وتدفع ضرائب للدانمارك وتتعلم لغة هذا البلد حالها حال المهاجرين الجدد.
غير أن المحكمة أيدت قرار دائرة الهجرة بسحب إقامة نادية “لكونها غير مندمجة في المجتمع الدانماركي” وأن عليها العودة إلى دمشق لأنها باتت آمنة؟!
غادرت نادية الدانمارك بحثا عن بلد آمن، ووصلت إلى هولندا، وعام 2021 تم تسليمها للدانمارك وفق اتفاقية دبلن.
وهي تعيش حاليًا في مخيم لجوء تتقاسم غرفة صغيرة مع أخريات، لحين انتهاء مهلة منُحت لها من قبل السلطات الدانماركية من أجل التعاون للعودة الطوعية إلى سوريا، وحال انتهاء المهلة سوف يتم نقلها بتدخل الشرطة إلى مخيم مغلق، بانتظار تنفيذ قرار الترحيل إلى مصيرها المجهول.
وكشفت نادية لمنظمتنا عن خوفها الشديد وحالة الرعب من مصيرها ومصير شقيقتيها وأسرتها المحتوم بأيدي الأجهزة الأمنية السورية في حال تسليمهم لهم.
وللوقوف على توضيح من السلطات الدانماركية حول هذه الحالات الإنسانية والإجراءات القانونية المزمع اتخاذها، تواصلت مصادرنا مع مسؤولين في دائرة الهجرة الذين اكتفوا بالقول إن قرارها مبني على تقارير منظمات إنسانية وأخرى معنية باللاجئين. وكان ردٌ مبهم ولا يمثل نتيجة واضحة.
ويحدث هذا مع اصدار منظمة حقوقية شقيقة وهي منظمة العفو الدولية (أمنستي) تقريرًا تحت عنوان “أنت ذاهبٌ إلى الموت” وثّقت فيه ما ينتظر العائدين إلى سوريا. وأطلعت عليه السلطات الدنماركية.
وقالت أمنستي في تقريرها “السلطات السورية تعتبر الأفراد الذين رحلوا عن البلاد بشكل عام من المؤيدين للمعارضة أو الجماعات المسلحة”.
كما وثّقت 24 حالة للعائدين من الرجال والنساء والأطفال الذين تعرضوا للاغتصاب أو غيره من أشكال العنف الجنسي والاعتقال التعسفي والتعذيب.
ونؤكد على أن قرار السلطات الدنماركية يخالف القوانين الدولية المراعية لهذا الشأن، وأن تنفيذ قرارات الابعاد التعسفية يعني إلقاء اللاجئون السوريون في آتون الموت المستعر.
ونطالب السلطات الدنماركية التراجع عن قرارها والتعامل مع اللاجئين السوريون والعرب كما تعامل اللاجئين الاوكرانيين الفارين من الحرب في بلادهم وعدم الكيل بمكيالين.