التقارير

العودة الطوعية للسوريين إلى بلدهم

بدأت دفعة من اللاجئين السوريين مغادرة لبنان صباح الأربعاء، في طريقها إلى سوريا، في إطار رحلات منظمة يتولاها الأمن العام بالتنسيق مع دمشق، وتنتقدها منظمات حقوقية.

وفي منطقة عرسال في شرق لبنان، تجمّعت امس منذ ساعات الصباح الأولى حافلات وشاحنات صغيرة، يحمل بعضها لوحات تسجيل لبنانية وأخرى سورية، قبل بدء انطلاقها تدريجيًّا إلى الأراضي السورية. وحمل لاجئون معهم مستلزماتهم من أمتعة شخصية ومقتنيات وحتى دواجن وحيوانات، وفق مصوري الصحافة.

بلغ عدد العائلات التي سجلت أسمائها للعودة في القافلة الأولى لدى وزارة المهاجرين 483 عائلة، أي ما بين 1500 و1800 شخصاً، وقد تم تسجيل 235 سيارة كذلك”، بحسب ما أكده وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال، عصام شرف الدين لموقع “الحرة”.

أما المدير العام للأمن العام اللواء ابراهيم فكشف اليوم الخميس أن “عدد السوريين الموجودين في لبنان بلغ ما يقارب مليونين و80 ألفا بمن فيهم النازحين، وستضم الدفعة المقبلة 1600 نازح ننتظر الأجوبة بشأنهم من السلطات السورية للبتّ بموعد إعادتهم.

وعن الآلية التي ستعتمد لاستئناف قوافل العودة، قال اللواء ابراهيم “هي نفسها التي اعتمدناها منذ العام 2017 وأسفرت عن إعادة ما يقارب 485 ألفا”، مضيفاً خلال استقباله وفدا من نقابة محرري الصحافة اللبنانية في مكتبه في المديرية “نحن لم ولن ننتظر ضوءا أخضرا من أحد لاستئناف قوافل العودة، ولا أحد سمح لنا من قبل ولا سأل.

ومن المقرر أن يغادر نحو 750 لاجئًا من مناطق عدة، وفق ما أعلن الأمن العام اللبناني، عبر 3 نقاط حدودية على الأقل، في إطار ما وصفت بخطة “إعادة النازحين الطوعية والآمنة” التي بدأتها السلطات اللبنانية عام 2017 على دفعات، وأعلنت الشهر الحالي استئناف تنفيذها.

وأوردت وكالة الأنباء السورية (سانا) “وصول دفعة من المهجرين السوريين قادمين من مخيمات اللجوء في لبنان عبر معبر الدبوسية الحدودي في ريف حمص (وسط) للعودة إلى مناطقهم الآمنة والمحررة من الإرهاب”، وفق تعبيرها. ويستند المسؤولون اللبنانيون في دفع السوريين إلى العودة، إلى ضمانات من الجانب السوري، ترتكز على العفو الرئاسي الشامل عن مجموعة من الجرائم تشمل تلك التي ارتكبها سوريون فروا من بلادهم، والذي سبق أن صدر هذا العام، إضافة إلى ما أعلنته السلطات السورية حول تخفيف الإجراءات لمن فروا من الخدمة العسكرية الإلزامية.

ومنذ سنوات تنظر السلطات اللبنانية إلى ملف اللاجئين بوصفه عبئًا، وترى أن وجودهم أسهم في تسريع ومفاقمة الانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد منذ عام 2019. وتقول حكومة تصريف الأعمال اللبنانية انها انتظرت طويلا تعاون المجتمع الدولي معها لتأمين عودة أكثر من مليون وخمسمائة ألف لاجئ سوري في لبنان يشكلون حوالي ثلث سكان البلاد. ويعاني لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، حيث باتت الدولة عاجزة عن تأمين الخدمات الأساسية لمواطنيها، بما في ذلك الكهرباء والوقود.

وكان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي قد صرح في يونيو الماضي أن الدولة اللبنانية ستمضي في عملية إعادة اللاجئين السوريين، حتى وإن رفض المجتمع الدولي التعاون مع بلاده. وأضاف حينها أن بلاده ستعمل “على إخراج السوريين من لبنان بالطرق القانونية، من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحزم… لم تعد لدى لبنان القدرة على تحمل كل هذا العبء، لا سيما في ظل الظروف الحالية”.

وتشكو الحكومة اللبنانية من أن وضع اللاجئين السوريين في لبنان لم يعد يحتمل وأن الدولة أضحت عاجزة عن تحمل كلفة ضبط الأمن في مخيمات النازحين والمناطق التي ينتشرون فيها. وتقول منظمة الأمم المتحدة إنها قدمت تسعة مليارات دولار من المساعدات للبنان للتخفيف من حدة أزمة اللاجئين للأزمة منذ عام 2015، غير أن أزمات لبنان المتلاحقة أغرقت فئات واسعة من اللبنانيين في فقر مدقع زادت معه نسبة الاستياء من استمرار وجود اللاجئين السوريين.

اضف الى كل تلك الازمات جاءت افة الكوليرا لتزيد الطين بلة ففي عكار التي تضم أحد أكبر تجمعات المخيمات، يعيش السكان، من لبنانيين وسوريين، قلقا كبيرا مع تصاعد أعداد المصابين بالكوليرا، فضلا عن عشرات تظهر عليهم عوارض الإصابة ولا يخضعون للمعاينة الطبية.وتعد  الوقاية ترف غير مقدور عليه، حيث تعبر المياه الآسنة بين ممرات خيم متلاصقة ومهترئة، ويستحم ويشرب ويطهو أهلها من خزانات مياه مكشوفة وملوثة، تغزوها الحشائش والرمل، بفعل اهتراء شبكات الصرف الصحي وتلك المخصصة لنقل المياه النظيفة.

من الجدير ذكره انه بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان وانهيار القطاعات الصحية والتعليمية بشكل خاص اصبح على اللبنانيين ان يسددوا فواتيرالاستشفاء والتعليم على حسابهم الخاص فيما تغطي المنظمات الدولية بدل الاستشفاء للنازحين السوريين هذا بالاضافة الى دفع بدلات الايجار والتدفئة والغذاء لهم بالدولار في ظل انعدا م القدرة الشرائية للبنانيين حيث صنف 80 بالمئة من الشعب اللبناني بالفقراء جراء انهيار الليرة اللبنانية.

 وندّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الثلاثاء، بمواقف المنظمات الإنسانية، من دون أن يسمّيها. وقال إن “لبنان يرفض طريقة التعاطي القائمة”، مؤكدًا “لن نجبر أي نازح على العودة”.

اما المنظمات الحقوقية الدولية تنفي أن تكون الأوضاع آمنة في سوريا بما فيه الكفاية لعودة اللاجئين. وتشدد على أن “ظروف العودة الآمنة والطوعية والكريمة لا تزال بعيدة المنال. وقد نبهت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش إلى أن الظروف في سوريا لا تسمح بعودة اللاجئين على نطاق واسع وحذرت من إعادتهم قسرا.

الا ان اللواء إبراهيم ” نفى أن يكون هناك ضغوطات خارجية على لبنان بشأن إعادة اللاجئين السوريين”، قائلا “مستمرون بخطة إعادتهم كما هي مرسومة بحذافيرها ولن نخضع لضغوطات منظمات تدعي الإنسانية”.

واعتبر أن ملف عودة اللاجئين السوريين “هو ملف وطني قومي (..) فهناك شعب يكاد يفقد تاريخه وثقافته وأرضه ونحن لن نشارك في هذه المجزرة”.

وأوضح أن هناك “مليونين و80 ألف نازح سوري موجودون حاليا في لبنان، وقرابة 540 ألف سوري عادوا طوعا إلى بلادهم منذ بدء الخطة عام 2017”.

واستانفت رحلات العودة الطوعية للاجئين السوريين، الأربعاء، بعد توقفها منذ 2019 بسبب انتشار فيروس كورونا تنفيذاً لمبادرة لبنانية لإعادة الراغبين في العودة طوعياً، ينظمها الأمن العام بعد التواصل مع السلطات السورية. وفي هذا الصدد ، وضعت الحكومة اللبنانية خطة لإعادة 15 ألف لاجئ إلى سوريا شهريا. إلا أن الخطة تصطدم برفض الأمم المتحدة، التي ترى أن الأمن لم يستتبّ بعد في سوريا، وتطلب من السلطات اللبنانية التريث في الوقت الراهن .

اما المنسقة القانونية لوزارة المهجرين في عرسال، المحامية رنا رمضان تقول ان اللاجئون سيعودون ، إلى “قرى ومدن القلمون الغربي وهي مدينتي يبرود وقارة، وقرى جراجير والمشرفة (فليطة) ورأس العين ورأس المعرة والسحل والصرخة، سيعودون بسياراتهم وأغراضهم، ومن لا يملك مركبة سيستأجر واحدة على حسابه الخاص”، لافتة إلى أن “القافلة الأولى ستتبعها قوافل عدة، تنفيذاً لخطة وزير المهجرين التي تهدف إلى إعادة 15 ألف لاجئ شهريا”.

الا ان مفوضية اللاجئين لا تسهل ولا تشجع في الوقت الحالي “عودة طوعية واسعة النطاق للاجئين من لبنان إلى سوريا” بحسب ما تقوله المتحدث الإعلامية باسم المفوضية دلال حرب مشيرة إلى أن المفوضية “ستواصل الانخراط في الحوار مع الحكومة اللبنانية، بما في ذلك مع مكتب الأمن العام في سياق حركات العودة التي يسيرها”.

آلاف اللاجئين يختارون ممارسة حقهم في العودة كل عام، بحسب حرب التي تشدد على أن “المفوضية تدعو إلى احترام الحق الأساسي للاجئين في العودة بحرية وطوعية إلى بلدهم الأصلي في الوقت الذي هم يختارونه”.

.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى