الكشف عن تقارير لأجهزة الأمن الفرنسية تبين تورط السلطات الفرنسية بصورة مباشرة بمجازر رواندا في تسعينيات القرن المنصرم.
يؤكد تقرير المديرية العامة للأمن الخارجي أن أجهزة المخابرات الفرنسية حاولت عام 1994 تنبيه الدولة إلى وجود مرتزقة فرنسيين في رواندا في أثناء ارتكاب الإبادة الجماعية، في حين يشير تقرير صادر عن منظمة “البقاء على قيد الحياة” إلى أن هؤلاء المرتزقة كانوا في الواقع يتصرفون بدعم من باريس.
ويحلل هذا الملف الذي جاء تحت عنوان “المرتزقة غير المرئيين” بعض ملاحظات المديرية العامة للأمن الخارجي المكتوبة منذ مايو/أيار إلى يوليو/تموز 1994.
وهذا الملف عبارة عن سلسلة من التقارير التي تم نشرها بفضل عمل لجنة دوكلار، التي سمحت لأول مرة بفحص الأرشيف المتاح حول دور فرنسا في رواندا بين عامي 1990 و1994؛ حيث خلص تقرير اللجنة -الذي نُشر أبريل/نيسان 2021- إلى أن فرنسا كانت “مسؤولة بشكل كبير” عن المجازر التي حدثت في ذلك الوقت.
ويشير التقرير إلى تعامل فرنسا مع الحلفاء الذين أصبحوا متهمين بشكل صريح بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، فقد كان هذا الجيش الذي شكلته فرنسا والنظام الذي دعمته؛ قد أسهم في الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد أقلية التوتسي التي أسفرت عن مقتل نحو مليون شخص في 3 أشهر فقط.
وأحداث التقرير تدور في أفريقيا، في بلد صغير حيث تدخّل المرتزقة الفرنسيون الذين أتوا لمد يد المساعدة إلى المسؤولين عن المجازر، في اللحظة المحددة التي بدأ فيها هؤلاء المسؤولون خسارة الأرض في مواجهة التمرد الذي كان يجبر -بشكل غير متوقع- المجرمين الذين يتولون السلطة على التراجع شيئًا فشيئًا من دون التخلي عن خطتهم من أجل إيجاد حل نهائي.
ويبين التقرير تورط فرنسا المباشر في مأساة رواندا عدة مرات منذ عام 1994، لكن ملاحظات المديرية العامة للأمن الخارجي تحدد وتثبت بوضوح بعض التلميحات التي كان من الممكن نفيها من قبل، ففي مذكرة أخرى -هذه المرة غير منشورة من قبل ومؤرخة في 17 يونيو/حزيران 1994- قامت المخابرات الفرنسية، علاوة على ذلك، بتوفير نحو 50 طنًّا من الذخيرة والأسلحة للقوات الحكومية الذين كانوا في الوقت ذاته، يطاردون أقلية التوتسي لإبادتهم.
وهذا إن دل على شيء إنما يدل على تورط فرنسا الدائم في اثارة الاضطرابات والمشاكل في مستعمراتها السابقة حال فكرت شعوب تلك الدول في التحرر والخروج من وصاية فرنسا التي تحرص على استبقاء استعمارها لتلك الدول عن طريق أنظمة تابعة لها، لتضمن الاستيلاء على مواردها لصالحها دون حق.