المفهوم الخاطئ عن حقوق الإنسان في المنطقة العربية.
ما يحصل في ميدان حقوق الإنسان في المنطقة العربية في ظل مسارات التغيير السياسي والاجتماعي التي تعبر عن الأزمات القانونية والأخلاقية العميقة التي تتعرض المجتمعات العربية، والتي قد نجم عنها الكثير.
على سبيل المثال، أضحى المدافعون عن حقوق الإنسان محل شك الأنظمة وترحيب المعارضة وهم ليسوا معول هدم لدولهم أو طلاباً للسلطة أو أبواقاً لها. بل هم بشر لهم كامل الحق في اعتناق الآراء والأفكار ومناقشتها وتوجيه انتباه الجمهور والرأي العام حول التحديات التي تواجه مجتمعاتهم مع مراعاة قيم ومبادئ حقوق الإنسان – العالمية، عدم التمييز، عدم قابليتها للتجزئة، المشاركة، المساءلة.
لكننا نرى وقائع كثيرة تنبئ بمخاطر جمة تكاد تفقد المدافعين عن حقوق الإنسان مكانتهم السامية بحيادهم واستقلاليتهم واحترامهم لمهمتهم التي يجب أن تكون اعتقادية في مناهضة الانتهاكات ومساندة ضحاياه، مما دفع أناس كثر لابتغاء الاستجارة من الظلم على أيدي المنظمات الدولية الحقوقية وتصديقها والاحتفاء بمواقفها عوضاً عن منظماتنا المحلية والإقليمية التي تأسست منذ عقود وثقت ورصدت أبشع التجاوزات، وفشل معظمها في ميزان العدل من منظور الضحايا أنفسهم.
في كل يوم يمضي تحتاج المنطقة العربية لجيل جديد من المدافعين عن حقوق الإنسان لا يفرضون على الناس معتقداتهم الشخصية، وليس من بين خططهم الآنية أو المستقبلية الوصول إلى كرسي السلطة، أو السعي لتغيير نظام الحكم، ولا دعم المعارضة على حساب النظام الحاكم، ولا مساندة النظام الحاكم في وجه المعارضة، ولا السعي إلى فرض قيم لا تعتنقها أو تؤمن بها مجتمعاتهم، ولا السعي لاستغلال النفوذ الجهوي أو السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي الذي يحظون به.
ذلك وببساط لأن النظام الدولي لحقوق الإنسان منذ نشأته عقب الحرب العالمية الثانية لم ينص في أي صك من صكوكه على إلزام أي دولية بشكل محدد من النظم السياسية أو المرجعية التشريعية إنما دعا وبوضوح إلى احترام الحقوق والحريات لأجل تحقيق الكرامة الإنسانية المتأصلة في كل فرد.
بل زاد على ذلك بأن جعل لكل دولة ومجتمع حقهم في اتباع النظام القانوني والسياسي الأفضل الذي يحقق العدالة والاستقرار والنماء والمساواة في الحقوق بين أفراد الشعب، وأقر بأن الدول هي المسؤول الأول عن حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وأنه يجب عليها الاعتراف بحقوق ومسؤوليات اﻷفراد والجماعات والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني بشكل عام في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً.
وللحد من تسلط النظم السياسية على شعوبها فقد اعتمدت آليات تعاهدية تسهر على رصد ومراقبة تنفيذ الدول لالتزاماتها الناشئة بموجب مصادقتها أو انضمامها للمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والبروتوكولات الملحقة بها، وقبول استلام ونظر الشكاوى الفردية من قبل ضحايا الانتهاكات، بما في ذلك التحقيقات والزيارات الميدانية والشكاوى ما بين الدول الأطراف. ثم آليات غير تعاهدية أزالت قفل باب الحماية الموصد بأيدي الدول المانع لمساءلتها دون موافقتها على المعاهدات، عبر الإجراءات الخاصة والتي تتشكل من مقررين مثال ذلك، المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب وأجهزة ولجان كثيرة لا يسع المجال لذكرها هنا.
ونطالب بإعادة مناقشة وتقييم الركائز الست التي تبنتها المفوضية السامية في خطتها للفترة من 2018 إلى 2021، وهي:
- تطبيق توصيات وقرارات الآليات الدولية لحقوق الإنسان.
- – تعزيز المساواة ومكافحة التمييز وحظر الدعوة للكراهية القومية أو الدينية أو العنصرية التي تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف.
- احكام سيادة القانون والمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان.
- الاهتمام بتعزيز آليات حماية حقوق الإنسان للوقاية من الانتهاكات.
- الاهتمام بالتنمية المستدامة باعتبارها احدى ركائز حقوق الإنسان.