المملكة العربية السعودية وانتهاكات حقوق المراة
بعد متابعة حثيثة لنا حول ما يجري من انتهاكات لحقوق المرأة في المملكة العربية السعودية برزت لنا أنماطا متعددة من المعاناة التي تتعرض لها النساء في المملكة نتيجة لممارسات وسياسات متخلفة، وتضمنت حالات من التمييز ضد المرأة من منع الاختلاط بين الجنسين وتمييز في قوانين الأحوال الشخصية والأسرة، وخوف المرأة من الطلاق واضطرارها لتحمل الإهانات والإساءات من قبل الزوج رغبة في الحفاظ على أسرته وتبين لنا وجود قيود قانونية لتقييد حرية التنقل وحرية التجمع والتعبير والتمييز في التعليم والعمل كما تبين تعرض المرأة للاعتقال التعسفي وتعرضها للتعذيب على أيدي السلطات ، خاصة النساء الأجنبيات العاملات في الخدمة داخل البيوت السعودية وما يتعرضن له من جور وإساءات واعتداءات مع حرمانهن من أي حق في الدفاع عن أنفسهن.
تحولات شكلية
على الرغم من التحولات والمتغيرات العديدة التي شهدتها المملكة العربية السعودية، والتي بدأت مع تطبيق خطوات برنامج إلاصلاحات المعلن لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تعهد بالانفتاح والقضاء على التشدد، ومنها سلسلة القرارات الخاصة برفع الحظر الاجتماعي عن المرأة السعودية، والسماح لها بتولي الوظائف التي كانت في السابق حكرا على الرجال و قيادة السيارة و رفع بعض القيود عن سفر المرأة، وذلك بالسماح للنساء فوق 21 عاماً، بالسفر خارج البلاد واستصدار جواز السفر دون الحاجة إلى ولي الأمروغيرها من الممنوعات الاخرى، اضافة الى منح الحقوق الاخرى منها حرية الرأي، هذه الحقوق والامتيازات الجديدة التي يسعى بن سلمان لتطبيقها عّدها البعض مجرد شعارات غير قابلة للتطبيق في مجتمع قبلي يخضع لعادات وتقاليد خاصة.
وتطبق السعودية المذهب الوهابي كقانون وطني لها. مع الافتقار إلى قانون عقوبات مكتوب أو لوائح محددة الصياغة، يمكن للقضاة والمدعين العامين إدانة الأشخاص بمجموعة واسعة من الجرائم بموجب تهم واسعة النطاق وشاملة، مثل “نقض البيعة مع ولي الأمر” أو “محاولة تشويه سمعة المملكة”. وعادة ما يواجه المعتقلون، بمَن فيهم الأطفال، الاعتقال التعسفي، والانتهاكات المنهجية للإجراءات القانونية الواجبة والحق في المحاكمة العادلة.
وقد أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن خطط لإدخال تغييرات مهمة على النظام القضائي في السعودية، بما في ذلك إصدار قانون الأحوال الشخصية (أو قانون الأسرة) الا انه في غياب قانون مدوّن للأسرة يفي بالمعايير الدولية، تواجه النساء في السعودية التمييز في الزواج والطلاق، والقرارات المتعلقة بالأطفال، بما في ذلك حضانة الأطفال، والميراث.
الظلم والتمييز ضد الناشطات
ما تزال المرأة السعودية تعاني الكثير من الظلم والتمييز، وخصوصا الناشطات السعوديات المدافعات عن حقوق المراة في المملكة. كما أنّ الإصلاحات التي أُدخلت غير مكتملة. فلا تزال النساء السعوديات بحاجة إلى موافقة ولي الأمر للزواج، أو الإفراج عنهن من السجن، أو الحصول على رعاية صحية جنسية وإنجابية معينة. ولا يزال بإمكان الرجال رفع دعاوى ضد بناتهم، أو زوجاتهم، أو قريباتهم بتهمة “العقوق”، ما قد يؤدي إلى إعادتهن قسرا إلى منزل ولي أمرهن أو سجنهن.
فبموجب نظام الولاية، يسيطر الرجل على حياة المرأة السعودية منذ ولادتها حتى وفاتها. مما يستلزم بأن يكون لكل امرأة سعودية ولي أمر، وعادة ما يكون الأب أو الزوج، ولكن في بعض الحالات يكون أخ أو حتى ابن، لديه السلطة على اتخاذ مجموعة من القرارات الحاسمة نيابة عنها. وتعامل الدولة السعودية النساء كقاصرات دائمات من وجهة نظر القانون. ولم تفعل السعودية ما يذكر لإنهاء هذا النظام، الذي ما زال أهم عقبة تعترض حقوق المرأة في البلد.
وأشارت رهف محمد الشجاع – وهي إحدى المدافعات السعوديات عن حقوق المرأة- إلى مجموعة من الممارسات والسياسات التمييزية التي تضعف المرأة السعودية وتجعلها عرضة للانتهاكات. ويفضل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن يُنظر إليه على أنه مصلح لحقوق المرأة، لكن رهف أظهرت إلى أي حد ادعاءاته باطلة ومثيرة للسخرية، حين تطارد السلطات النساء الفارات وتعذب ناشطات حقوق المرأة في السجن في حين أن بلدانا أخرى في الشرق الأوسط لديها عناصر من نظام ولاية الرجل، إلا أن السعودية هي الأكثر قسوة بأشواط في الحد الذي تصل إليه قوانينها، فضلا عن جهود السلطات لتطبيقها
ومن بين الانتهاكات قيود على حرية في السفر او الحصول على جواز سفر ولا حرية في اختيار شريك الزواج، بالإضافة لزواج القاصرات اذ تحد السلطات السعودية من قدرة المرأة على الزواج بحرية، حيث يُشترط الحصول اذن من ولي الامر الذكر عادة، تُمنح موافقة المرأة شفهيا أمام رجل الدين الذي ينفذ الزواج، ويُطلب من المرأة وولي أمرها توقيع عقد الزواج. بالإضافة الى العنف الأسري فإن نظام ولاية الرجل يسهل العنف الأسري بمنح الأقارب الذكور قدرا هائلا من السيطرة على حياة النساء والسيطرة على حركة المرأة نفسها شكل من أشكال العنف الأسري الذي تفرضه الحكومة. كما يلقى القبض على النساء اللواتي يحاولن الفرار من الزوج أو العائلة المسيئة وتتم إعادتهن إلى عائلاتهن إذا فررن أو أُحلن إلى الملاجئ، ولا يُسمح لهن بالرحيل ما لم يتصالحن مع أفراد العائلة أو يقبلن بزواج مرتب. بالاضافة الى التمييز في التوظيف والرعاية الصحية وعدم المساواة في الطلاق وحضانة الأطفال والميراث.
في أبريل/نيسان 2016، أعلنت السعودية عن رؤية 2030 التي قالت إن الحكومة “ستستمر في تنمية مواهب المرأة واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والاسهام في تنمية مجتمعنا واقتصادنا” ولن تستطيع الحكومة تحقيق هذه الأهداف إن لم تُلغ نظام ولاية الرجل، لأنه يفرض قيودا مشددة على قدرة المرأة على تحقيق مشاركة فعالة في المجتمع والاقتصاد السعودي.
المطلوب من السعودية
انضمت السعودية لـ “اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (سيداو) سنة 2000، وهي مُلزمة قانونا بالقضاء على التمييز ضدّ المرأة دون تأخير، بما يشمل إلغاء نظام ولاية الرجل. ما لم تنجح السعودية في القضاء على الممارسات التمييزية التي يفرضها نظام الولاية، والفصل بين الجنسين، ستستمر الحكومة في حرمان المرأة من أبسط حقوقها الأساسية.
التمييز الذي تفرضه السعودية على المرأة في العلاقات العائلية ينتهك اتفاقية سيداو، التي تنص على أن “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية”. وتنتهك السعودية بشكل خاص حق المرأة في المساواة في دخول الزواج والخروج منه لضمان حصولها على حقوق متساوية مع الرجل في مسألة حضانة الأطفال.
وبالرغم من اتخاذ السعودية إجراءات لتقليص سيطرة وليّ الأمر على المرأة، ومنها – على سبيل المثال – عدم مطالبة المرأة بالحصول على ترخيص عمل من ولي أمرها، واصطحاب أحد أقاربها ليُعرّف بها في المحاكم، ولكنها فشلت في إلغاء هذا النظام، أو مقاومة التمييز المتجذر بشكل كاف، ففشلت في واجبها في “أن تتخذ إجراءات دون تأخير من أجل وضع حد لجميع الممارسات التقليدية التمييزية.
هذا كله يلزم المملكة العربية السعودية اتخاذ إجراءات قانونية حقيقة تعمل من خلالها على إعطاء الحقوق للمرأة السعودية، والقيام بإجراءات تنفيذية لإلغاء كل ما يتعارض مع هذه الحقوق التي منحتها إياها الشرائع السماوية والحقوق الطبيعية المتوافق عليها محلياً ودولياً