التقارير

النظام السوري يقر قانون لتجريم التعذيب على الرغم من تورطه المباشر به

ما تزال الكوابيس والذكريات المؤلمة عن التعذيب تلاحق مئات آلاف السوريين والعرب، الذين قضوا فترات متفاوتة في سجون النظام السوري، ولم ترحل من مخيلتهم وسمعهم صرخات النساء المعذبات والشيوخ والأطفال في السجون السرية التي أنشأها النظام السوري بداية الحراك الشعبي ضده في ربيع 2011.

وهناك آلاف الشهود على شتى صنوف التعذيب في أقبية المعتقل المظلمة، التي كان المحققون يتلذذون بها أثناء ضربهم المعتقلين بالعصي وخراطيم المياه الغليظة، لإجبارهم على الاعتراف بتهم لم يقترفوها.

وقُتل 14 ألفا و537 سوريّا تحت التعذيب بين مارس/آذار 2011 و2021، على يد أطراف الصراع المختلفة في سوريا، بحسب تقارير جمعناها بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب. وكان النظام مسؤولًا عن مقتل معظم ضحايا التعذيب بنسبة 98.63%، إذ قُتل على يده 14 ألفا و338، من بينهم 173 طفلًا و74 سيدة.

ومع ذلك وفي تناقض غريب ومحزن مبكي، أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، نهاية مارس/آذار الماضي القانون رقم (16) القاضي بـ “تجريم التعذيب”، وفق ما أقره “مجلس الشعب” في جلسته المنعقدة بتاريخ 28 مارس/آذار المنصرم. وتضمنت المادة رقم (2) من القانون تسلسل العقوبات وفقا لخطورة العمل الجرمي أثناء التعذيب، حيث تتراوح ما بين الإعدام والسجن المؤبد أو المؤقت، وفق الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية العربية السورية.

وفي تحقيقات حقوقية لنا تبين أن المجلس الذي أقرّ القانون لا يمثل الشعب السوري، إذ أن تعيين أعضائه يتم من قبل الأجهزة الأمنية، “وهو أمر معروف لجميع السوريين”. وبعد التحقق من أسماء أعضاء مجلس الشعب، تبين أن ثلث أعضائه منتسبون لقوات أمن متورطة بانتهاكات بحق الشعب السوري.

ونرى أن الخطورة من هذا القانون تكمن في عدم شموله للجرائم المرتكبة قبل نفاذه المؤرخ في 30 مارس/آذار 2022، عملًا بمبدأ عدم رجعية القوانين الجزائية. وهو ما يتيح لمنتسبي الأجهزة الأمنية السورية الفلتان من العقاب.

ونؤكد أن حصر الاختصاص بالنظر في جرائم التعذيب بمحاكم النظام السوري دون غيرها، دلالة واضحة على نيته في تمكين المجرمين من الإفلات من العقاب من خلال المحاكم الصورية التي أصبح الجميع يعرفها.

ومما يبدو لنا أن هذا القانون جاء لمنع معاقبة المتهمين في التعذيب من دفع الثمن، إذ أنه اعتمد على عدم رجعية القانون الجزائي وحصر المحاكم المخولة بالنظر في قضايا التعذيب بمحاكم النظام السوري فحسب.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى