التقارير

إيطاليا على خطى بلجيكا بالتعامل بعنصرية مع قضايا اللاجئين

إيطاليا التي أعلن رؤساء بلدياتها في البلدات والمدن الإيطالية المختلفة عن استعدادهم لاستقبال الأوكرانيين المشردين وتوطينهم، هي نفس إيطاليا التي يواجه فيها عمدة بلدة صغيرة سابق حكمًا بالسجن 13 عامًا؛ لأنه فتح أبواب بلدته لمئات اللاجئين القادمين من أفريقيا والشرق الأوسط.

ودومينيكو لوكانو الذي شغل منصب رئيس بلدية رياتشي -وهي قرية صغيرة يسكنها ألفي شخص تقريبا في جنوب إيطاليا- بين عامي 2004 و2018، قد عمل خلال فترة ولايته على مساعدة والترحيب بـ 450 لاجئًا من أفريقيا والشرق الأوسط وتوطينهم في البلدة الصغيرة.

وإيطاليا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين الأوكرانيين الفارين من الحرب في أوروبا. وبعد عقود من هجرة السكان ما بعد الحرب في ظل انتقال الشباب الإيطاليين للعيش بعيدًا، أصبح ما بات يعرف بـ “نموذج رياتشي” مثالًا شهيرا للاندماج متعدد الأعراق وحياة المدينة المتجددة، لكن عناصر يمينية قوية في الحكومة الإيطالية مسؤولة عن تشديد السياسات المناهضة للمهاجرين في البلاد وفي عموم أوروبا -مثل وزير الداخلية الإيطالي السابق ماتيو سالفيني- اعتبروا ما جرى في تلك البلدة الإيطالية الصغيرة أمرًا لا يطاق.

وقد وُضع لوكانو تحت الإقامة الجبرية عام 2018 وتم قطع التمويل العام عن برامجه، كما وجهت له مجموعة من التهم الوهمية. وفي سبتمبر/أيلول الماضي أدين بالاحتيال والاختلاس والتحريض على الهجرة “غير الشرعية”.

وبالإضافة إلى عقوبة سجنية مبالغ فيها قد تصل إلى 13 عاما -وهي تقريبًا ضعف ما طالب به المدعون العامون في البداية- يواجه لوكانو غرامات تزيد على نصف مليون يورو. وقد أعلن عن خططه للاستئناف، لكنها عملية يتوقع أن تستغرق عامًا كاملًا.

وقد تحولت بلدة رياتشي الصغيرة -كما ذكر لوكانو في بيان له يوم الاثنين- “على مدار 14 سنة الماضية إلى منارة للأمل لأولئك المحرومين الذين يعيشون في إيطاليا وإلى مصدر إلهام لمدن الملاذ الآمن في جميع أنحاء العالم”.

وأضاف “لقد تعرضنا للاضطهاد بسبب جرائم الرأفة هذه تحت شعار “الإيطاليون أولا”، “واستهدفت قوى الردة بلدتنا ونموذج الضيافة الذي عززناه على مدار أكثر من عقد”.

ونرى أن هناك أهداف سياسية وعنصرية للاتهامات الموجهة للوكانو ولإداناته ولشدة العقوبة التي أنزلت به، وأنه لم يكن من قبيل المصادفة أنه اعتقل بعد أسبوع واحد فقط من إعلان سالفيني عن سلسلة من الإجراءات الوحشية المناهضة للهجرة، بما في ذلك تقليص الأموال الموجهة لمثل جهود الاندماج التي قام بها لوكانو.

ونؤكد على ضرورة أن تبتعد إيطاليا عن التعامل بعنصرية مع قضايا اللاجئين وأنه من المعيب على دولة تعتبر نفسها من منارات الديمقراطية وحقوق الانسان أن تكيل بمكيالين احدى كفتيه غامقة اللون وبملامح شرق أوسطية وأخرى فاتحة اللون وبملامح أوروبية.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى