سلب حقوق الأسرى الفلسطينيين تحت ذريعة القانون
يمتد عمر الحركة الفلسطينية الأسيرة إلى ما قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ في مايو\1948م، إذ ورثت دولة الاحتلال من الاستعمار البريطاني، الذي ساهم في قيام دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية التي كانت تحت قبضته إثر سقوط الإمبراطورية العثمانية، ولعل في قضية الأسير الفلسطيني الأقدم حسن اللاوي ما يؤكد استمرار الظلم والعنصرية فقد تم أسره في عهد الفترة الاستعمارية البريطانية في فلسطين واستمر أسره حتى نهاية عقد الثمانينات من القرن المنصرم، ولم يرث الاحتلال الأسرى فحسب، بل ورث معهم القوانين والأنظمة العرفية التي كانت تحكم بالحديد والنار والمعروفة بأنظمة الطوارئ ومن ضمنها قانون الاعتقال الإداري، الذي أبدع الاحتلال الإسرائيلي في استغلاله ضد الأسرى الفلسطينيين.
منذ بداية الاحتلال عام 1967 استندت سلطات الاحتلال على أنظمة الطوارئ لاستخدام الاعتقال الإداري، وفي سنة 1970 قامت بتحويل المادة 111 من أنظمة الطوارئ إلى المادة 87 من الأمر العسكري رقم 378 بشأن تعليمات الأمن للعام 1970، أما اليوم وبعد اجراء تعديلات على الأمر العسكري 378 اصبحت المادة 285 من الأمر 1651 هي الإطار القانوني لإجراء الاعتقال الإداري. وهناك ثلاثة قوانين مختلفة تتيح لإسرائيل إيقاع الاعتقال الإداري بحق الفلسطينيين:
الأمر الخاص بخصوص الاعتقالات الإدارية، وهو جزء من التشريعات العسكرية السارية في الضفة الغربية، ويتم احتجاز معظم المعتقلين الإداريين استنادا إلى أوامر اعتقال فردية يتم إصدارها استنادا إلى هذا الأمر. وقد تم إلغاء أمر مشابه بخصوص قطاع غزة مع تطبيق خطة “الانفصال” في شهر أيلول 2005م.
قانون الصلاحيات الخاص بالطوارئ (اعتقالات) الساري في إسرائيل، الذي استبدل الاعتقال الإداري الذي كان ساريا في أنظمة الطوارئ من فترة الانتداب البريطاني. ويتم التحفظ على مواطنين من سكان المناطق الفلسطينية المحتلة استنادا إلى هذا القانون فقط في حالات نادرة.
قانون سجن المقاتلين غير القانونيين الذي سرى مفعوله في العام 2002م، وقد كان القانون يهدف بالأصل إلى التمكن من التحفظ على لبنانيين كانوا مسجونين في ذلك الوقت في إسرائيل كـ “ورقة مساومة” لغرض استعادة أسرى وجثامين. أما اليوم فإن إسرائيل تستعمل القانون من أجل اعتقال فلسطينيين من سكان قطاع غزة بدون تقديمهم للمحاكمة.
وأمّا الاعتقالات الأخرى والتي يصدر فيها أحكام قاسية بحق الفلسطينيين فتستند إلى مجمل أنظمة الطوارئ البريطانية وقانون العقوبات الأردني الساري قبل حزيران للعام وهو قانون العقوبات رقم 16 للعام 1960م، وآلاف الأوامر العسكرية الصادرة من قيادة جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقانون مكافحة الإرهاب للعام 2016م، بالإضافة لمواد قانون العقوبات الإسرائيلي المتعلق بالشق الأمني، والذي يستخدم ضد المواطنين الفلسطينيين من سكان فلسطين عام 1948م وفي بعض الأحيان ضد أسرى من الضفة الغربية وقطاع غزة؛ وهو قانون يضاعف مدة العقوبة عما هو موجود بالقوانين الأخرى.
وفي مطلع العام 2005م نقلت المسؤولية عن الأسرى الأمنيين الفلسطينيين من جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى عهدة مصلحة السجون الإسرائيلية والمعروفة باسم “شاباس”، والذي كان ظاهره ترتيبات إدارية، والمُراد الحقيقي التعامل مع الأسرى الفلسطينيين كسجناء إرهاب ضد الدولة وليس كمقاومين للاحتلال، وهذا الأمر يعني عدم صلاحية اتفاقية جنيف الثالثة والرابعة والعهود الدولية الخاصة بأسرى الحرب في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين.
ومنذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967م تعرض ما يزيد عن 800ألف فلسطيني للاعتقال وهذا يعني أن ما يقارب من ربع الشعب الفلسطيني خضع للاعتقال بأنواعه المختلفة، ولا زالت هذه الاعتقالات تشكِّل واقع حياة يومي فرضها الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين، فلا يخلو يوم من حملة اعتقالات في أرجاء الضفة الغربية وأراضي فلسطين المحتلة عام 1948م.