غياب المساءلة القانونية لجنود الاحتلال الإسرائيلي يجعل من المواطنين الفلسطينيين أهداف للقتل.
على مدى سنوات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية قتلت قوات الجيش آلاف المواطنين الفلسطينيين المدنيين دون أسباب حقيقية تسمح بالقتل. وأكثرهم قُتلوا بنيران قوّات الأمن الإسرائيلية خلال أعمال “حفظ النظام” الروتينية – حفظ نظام الاحتلال – كتنفيذ أوامر الاعتقال أو تفريق المظاهرات. وآخرون قُتلوا خلال أحداث قتالية – كالحملات العسكرية المختلفة على قطاع غزّة أو حملة “الجدار الواقي” التي شنّتها إسرائيل على الضفة. وهناك آلاف آخرون جُرحوا بنيران قوّات الأمن الإسرائيلية بعضهم كانت جروحهم بالغة تسبّبت لهم بعجز دائم، جسدي أو نفسي.
ووفقًا لتعليمات إطلاق النار هذه يُسمح بإطلاق النيران الحيّة في حالتين فقط: الأولى تسمح بإطلاق النار بقصد القتل – إذا نشأ خطر يهدّد حياة عناصر قوّات الأمن أو حياة آخرين. وحتّى في هذه الحالة – يُسمح بإطلاق النار فقط في غياب سُبل أخرى لاتّقاء الخطر المذكور وفقط نحو الشخص مصدر الخطر المعتدي نفسه. الحالة الثانية التي يُسمح فيها بإطلاق النار هي حالة فرار مطلوب كوسيلة أخيرة لاعتقاله وذلك فقط بعد إنذاره ثمّ إطلاق النار في الهواء وبشرط إلاّ يعرّض إطلاق النار آخرين لخطر الإصابة. لكن هذه القواعد محلها على الورق ودون أي التزام حقيقي فيها، أي أنها للاستهلاك الإعلامي والتجميلي التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي.
عند وقوع عمليات عسكرية في الأراضي المحتلّة تسري على أفعال إسرائيل قواعد إضافية ينصّ عليها القانون الإنساني الدولي توسّع نطاق الحالات المسموح فيها لقوّات الأمن إطلاق النار أيضًا في حالات لا تشكّل خطرًا على الحياة. ولكنّ الأساس في هذه القواعد أنّها تضع قيودًا على قوّات الأمن بهدف توفير الحماية الممكنة للمدنيّين وممتلكاتهم – أي المواطنين غير المشاركين في القتال.
مبدأين أساسيّان ينظّمان تحركات جيش الاحتلال أثناء القتال (لا يتم الالتزام بهما): مبدأ التمييز ومبدأ التناسُب. المبدأ الأوّل يُلزم الأطراف المتحاربة بتوجيه هجماتها فقط نحو من أولئك الذين يشاركون في القتال أو نحو أهداف تُستخدم في القتال. لضمان احترام هذا التمييز وتطبيقه يُمنع شنّ هجمات غير موجّهة لهدف عسكريّ معيّن وشنّ هجمات بواسطة أسلحة غير قادرة على التمييز الدقيق بين أهداف عسكرية ومدنية. مبدأ التناسُب يمنع شنّ هجمات أيضًا إذا كانت موجّهة ضدّ هدف يسمح القانون باستهدافه في حالة احتمال إلحاقها ضررًا بسكّان مدنيّين يفوق المنفعة العسكرية المتوقّعة منها.
فالمواطن الفلسطيني نتيجة غياب المنظومة القانونية والتراخي المتعمد من قبل المستوى السياسي في إسرائيل أصبح هدف مشروع للقتل دون تفرقة بين طفل أو امرأة أو شيخ كبير او شاب مدني، فيتم اطلاق النار عليهم في بيوتهم وعلى الحواجز العسكرية، بل وهم داخل سياراتهم وأعمالهم، وعمليات القتل هذه شبه يومية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
جلّ عمليات القتل لا يتم المحاسبة عليها بل يدعمها القضاء الإسرائيلي، ففي احدى حوادث قتل المدنيين الفلسطينيين حكمت المحكمة على الجندي الذي أطلق النار بدفع ثمن الرصاصة التي أهدرها لقتل ذلك الفلسطيني، وفي حوادث كثيرة تنتهي المحاكمات بالاعتذار للجنود وعدم مساءلتهم، بل أكثر من ذلك لا يتم فتح تحقيق على الاطلاق بقضايا إطلاق النار على المدنيين.