في مصر؛ الأمن الوطني يحول حياة المواطنين إلى جحيم.
في تقرير موجز؛ نُشر على مستوى دولي أفاد، أنّ “قطاع الأمن الوطني” في مصر، وهو جهاز متخصص في ضبط القضايا السياسية وتلك المتعلقة بالإرهاب، يستخدم بشكل متزايد نمطاً مُحكماً من الاستدعاءات غير القانونية والاستجوابات القسرية، التي ترقى إلى المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فضلاً عن إجراءات المتابعة/المراقبة المُفرطة ضد مدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء سياسيين، في محاولة لمضايقتهم وترهيبهم بهدف إسكاتهم، ما يؤدي إلى تدمير حياتهم.
ويوثق التقرير كيف استخدم “قطاع الأمن الوطني” هذه الإجراءات للتحكم بحياة 21 رجلاً وتسع سيدات بين عامي 2020 و2021. وقال النشطاء والمدافعون عن حقوق الإنسان إنَّ ضباط “قطاع الأمن الوطني” دأبوا على تهديدهم في كل استدعاء بالقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة ما لم يحضروا جلسات الاستجواب، وإن الضباط داهموا منازل من امتنعوا عن الحضور.
ووصف ما لا يقل عن 20 من الضحايا كيف يعيشون في خوف دائم من الاحتجاز على أيدي “قطاع الأمن الوطني”، ما يجعلهم في حالة من القلق والاكتئاب، ويحرمهم من حقوق أساسية، ويعيق بشدة قدرتهم على أن يعيشوا حياةً طبيعية. ونتيجةً لذلك، يشعر كثيرون منهم بالخوف الشديد من التعبير عن آرائهم أو المشاركة في أنشطة سياسية، بينما اضطُر البعض إلى مغادرة البلاد.
ويعمل ضباط “قطاع الأمن الوطني” على استجواب الأشخاص الذين تم استدعاؤهم عن أنشطتهم المتعلقة بحقوق الإنسان أو أنشطتهم وآرائهم السياسية، بما فيها تلك التي يُعبرون عنها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك عن أنشطة وخطط جماعات المعارضة، أو الحركات السياسية، أو منظمات حقوق الإنسان التي يشتبه أولئك الضباط في انتساب المُستدعين إليها، كما كانوا يأمرونهم بالإبلاغ عنها. ولم يُسمح للمستجوَبين باصطحاب محامين معهم. وأثناء تلك الاستجوابات، لجأ الضباط إلى استجواب المُستدعين بشكل متطفِّل عن حياتهم الشخصية وأنشطتهم السياسية، وإلى الإيذاء البدني والنفسي الذي قد يرقى إلى “المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، وكذلك إلى فحص محتوى هواتفهم وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي من دون إذن قضائي. وفي أغلب الحالات كان ضباط “قطاع الأمن الوطني” يهددون الأشخاص المُستدعين بالسجن والتعذيب وغيره من أشكال الأذى البدني لهم ولأسرهم، إذا رفضوا الكشف عن المعلومات المطلوبة. كما كانوا يحذِّرونهم من ممارسة حقوقهم في حرية التعبير أو حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها أو حرية التجمع السلمي بعد الاستجواب.
وترقى إجراءات المراقبة الشُرطية هذه، والمُتخذة خارج نطاق القضاء ويُشار إليها بتعبير “المتابعة” من جانب ضباط “قطاع الأمن الوطني”، إلى الحرمان التعسفي من الحرية، وهي تختلف عن إجراءات المراقبة بأمر قضائي، كما أنّها غير محددة الأجل ولا تخضع إلاّ لأهواء ضباط “قطاع الأمن الوطني”. وفي كثير من الحالات، تعرَّض المحتجزون للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة، كما لحقت أضرار شديدة بحقهم في العمل وفي الحياة الأُسرية.
ومن الصعوبة تحديد عدد الأشخاص الذين يتعرضون للمتابعة من “قطاع الأمن الوطني”، إذ أنّ هذه الممارسات تجري في غياب أوامر من السلطات القضائية، ولا تُتاح سجلات رسمية مكتوبة بشأنها. وقد قال محامون في مقابلات مع منظمة العفو الدولية إن كثيرين من موكليهم الذين أُفرج عنهم اعتباراً من عام 2015 تعرضوا لهذه الممارسات بشكل متزايد بدءاً من عام 2019.
وتحظر أحكام القانون الدولي، والدستور و” قانون العقوبات” المصريَيْن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وكذلك التدخل التعسفي أو غير القانوني في خصوصية الشخص أو عائلته أو بيته أو مراسلاته. وينص “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي انضمت إليه مصر كدولة طرف، على أنه لا يجوز أن يتعرض أي إنسان للقبض أو الاحتجاز تعسفياً، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلّا لأسباب منصوص عليها في القانون ووفقاً للإجراءات المقررة فيه. وينبغي أن يُبلّغ الشخص المحتجز على وجه السرعة بأسباب احتجازه، وأن يُقدّم للمثول أمام أحد القضاة. كما يجب أن تُتاح له فرصة الطعن في قانونية احتجازه، ويجب إبلاغه بحقوقه، بما في ذلك الحق في التزام الصمت.