في يوم الطفل العالمي؛ إسرائيل تعتقل آلاف الأطفال الفلسطينيون في سجونها وتعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي.
اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو 19 ألف طفلًا أقل من عمر 18 عاما منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر/أيلول عام 2000، من بينهم أطفال بعمر أدنى من 10 سنوات، ومنذ بداية العام الجاري 2021 وحتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي اعتقلت 1149 قاصرًا وطفلًا فلسطينيًا (من الإناث والذكور)؛ وما زال نحو 160 قاصرًا يقبعون في سجون الاحتلال، وهم موزعون على سجون “عوفر” و”الدامون” و”مجدو”.وتشير الإحصاءات والشهادات الموثقة للمعتقلين الأطفال إلى أن ثلثي الأطفال المعتقلين تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي، فيما تعرض جميع المعتقلين للتعذيب النفسي خلال مراحل الاعتقال المختلفة.
وتمارس إسرائيل بحق الأطفال المعتقلين أنماطًا مختلفة من التعذيب خلال وبعد اعتقالهم، وذلك بشكل ممنهج وواسع النطاق، ما يعتبر من بين المخالفات الجسيمة للقانون الدولي، خاصة اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل، وذلك منذ لحظة اعتقالهم، ومرورًا بالتحقيق القاسي معهم وحتى اقتيادهم إلى السجون، كاعتقالهم ليلًا، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح متعمدين القيام بذلك أمام ذويهم، وإطلاق النار عليهم قبل وخلال عملية اعتقالهم، واقتيادهم وهم مكبلي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين.
وعلاوة على ذلك يتم إبقاؤهم دون طعام أو شراب لساعات طويلة، والمماطلة بتبليغهم بأن لديهم الحق بالمساعدة القانونية، وتعرضهم للتحقيق من دون وجود ذويهم؛ بما يرافق ذلك من عمليات تعذيب نفسي وجسدي، إضافة إلى انتزاع الاعترافات منهم وإجبارهم على التوقيع على أوراق دون معرفة مضمونها، وتهديدهم وترهيبهم، وخضوع بعضهم لتحقيق المخابرات، واحتجازهم في مراكز التحقيق والتوقيف لمدة تصل إلى الشهرين.
ويتم احتجاز غالبيتهم في سجون داخل دولة الاحتلال، بشكل يخالف اتفاقية جنيف الرابعة، ويتسبب في حرمان الغالبية من زيارات ذويهم. هذا بالإضافة إلى معاناة الأهل في الحصول على التصاريح اللازمة للزيارة، التي تمنحهم حق التنقل، إذ تماطل سلطات الاحتلال في منح التصاريح ما يطيل فترة الانتظار، فيما تحرم كثير من العائلات من الحصول عليها.
كما تزج سلطات الاحتلال بهم في مراكز توقيف ومعتقلات تفتقر للحد الأدنى من المقومات الإنسانية، وتحرم العديد منهم من حقهم في التعليم والعلاج الطبي ويحرمون من إدخال الملابس والأغراض الشخصية والكتب الثقافية، ولا تتوانى إدارة السجون عن معاملتهم كمعاملة الأسرى البالغين، باقتحام غرفهم ورشهم بالغاز وضربهم وتقييدهم وإلحاق العقوبات بهم، كالعزل وسحب الأغراض الشخصية والحرمان من “الكنتين” (البقالة).
ويخضع المعتقلين الأطفال من الضفة لمحاكم عسكرية تفتقر للضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة، ودون أي مراعاة لخصوصية طفولتهم ولحقوقهم. ووضعت المحاكم الإسرائيلية تعريفًا عنصريًا للطفل الفلسطيني لسنوات، بحيث اعتبرته الشخص الذي لم يبلغ سن 16 عاما، وليس 18 عامًا، كما تعرفه اتفاقية حقوق الطفل أو يعرفه القانون الإسرائيلي نفسه للطفل الإسرائيلي، كما أنها تحسب عمر الطفل الفلسطيني وقت الحكم وليس في وقت تنفيذ العمل النضالي.
فيما تُخضع الأطفال المقدسيين لأحكام قانون الأحداث الإسرائيلي، وبشكل تمييزي، إذ تميز بين الطفل الفلسطيني والطفل الإسرائيلي عند تطبيق القانون، وتحرم شرطة الاحتلال الإسرائيلية الأطفال المقدسيين من حقوقهم أثناء الاعتقال والتحقيق، بحيث أصبحت الاستثناءات هي القاعدة في التعامل مع الأطفال المقدسيين، وتعتبر نسبة اعتقال الاحتلال للقاصرين المقدسيين الأعلى مقارنة باعتقالات بقية القاصرين من الضفة الغربية.
وقد أصدرت المحاكم الإسرائيلية أحكامًا جائرة بحق قاصرين، وذلك بعد التعديلات التي أحدثها على بعض القوانين الخاصة بالأحداث، بما يتناسب مع سعي الاحتلال لشرعنة إدانة الأطفال، واستحدث “الكنيست” خلال السنوات الأخيرة تشريعات بإيعاز من الشرطة والنيابة والمحاكم بالحكم بأحكام عالية على أفعال احتجاجية يقوم بها القاصرون، بالإضافة إلى تتبع منشورات منصات التواصل الاجتماعي وطرحها كتُهم “أمنية”، واعتقال الأطفال على إثرها وخضوعهم للمحاكمة والسجن.
ونرى في منظمتنا أن تلك الإجراءات تنتهك حقوق الطفل الفلسطيني وحقه في الحياة الكريمة والآمنة، وهي تصدر عن سلطة احتلال وجوده فضلًا عن قوانينه منزوعة الشرعية، كما أن تلك المحاكمات تخالف كافة الشرائع الدولية والإنسانية التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية، وندعو المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للعدول عن محاكمة الأطفال والإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين منهم حاليًا في سجونها.