نيوم مشروع تنموي قائم على سلب حقوق المواطن السعودي
نيوم بالإنجليزية NEOM مشروع سعودي لمدينة مخطط بنائها عابرة للحدود، وأتت التسمية من الدمج بين كلمتيNEW الانجليزية وحرف Mمن كلمة “مستقبل” بالعربية وتعني المستقبل الجديد، أطلقه الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد السعودي في 24 أكتوبر 2017 ويقع في أقصى شمال غرب السعودية، ويمتد على مساحة 26.5 ألف كيلو متر. منها ألف كيلومتر مربع من الأراضي المصرية ومثلها بالأراضي الأردنية، ويهدف ضمن إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030لتحويل المملكة إلى نموذج عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة. وسيتم الانتهاء من المرحلة الأولى بحلول عام 2025م . تم دعم المشروع من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي بقيمة 500 مليار دولار، والمستثمرين المحليين والعالميين وتتولى “شركة نيوم” التي تأسست في يناير 2019 عمليات تطويره منطقة والإشراف عليه، وهي شركة مساهمة مقفلة برأس مال مدفوع بالكامل وتعود ملكيتها إلى صندوق الاستثمارات العامة. وستعمد الشركة إلى إنشاء مدن جديدة وبنية تحتية كاملة للمنطقة تشمل ميناءً، وشبكة مطارات، ومناطق صناعية، ومراكز للإبداع لدعم الفنون.
التخطيط القائم عليه المشروع لا مشكلة فيه نظرياً ويتحدث عن احداث تنمية تشمل العديد من دول المنطقة، إلا أنه أغفل موضوع أساسي لا يمكن التجاوز عنه، ألا وهو ملكية الأراضي وتبعيتها لعشائر تقيم في المنطقة منذ آلاف السنين، وهذه العشائر ترفض اقتطاع أراضيها وحرمانها من مناطق تواجدها؛ على النسق الذي اعتمدته الولايات المتحدة من سلخ سكان المناطق الأصلية من الهنود الحمر وبناء مدن لصالح المهاجرين الجدد الذين أصبحوا مواطنون أمريكيون فيما بعد.
وتسكن قبيلة الحويطات قرى وبلدات في المنطقة، بما في ذلك عاصمة تاريخية للقبيلة تدعى خريبة، في مناطق محافظة تبوك منذ مئات السنين. وتخطط السلطات السعودية لإخلاء وترحيل حوالي 20.000 شخص لإفساح المجال أمام بناء مدينة نيوم. وترى الحكومة السعودية بصورة فجة أن قبيلة الحويطات لن تتناسب أبداً مع هذا المركز العالمي لنيوم المستحدثة. وبالتالي وجب ترحيلهم إلى مكان آخر سواء وافقوا على ذلك أم لا.
لكن الأمور لم تسر كما هو مخطط لها، مما أدى لاندلاع مواجهات قتل على أثرها أحد كبار شيوخ عشيرة الحويطات وهو عبد الرحيم الحويطي، إن قتل الحويطي لإجبار قبيلة الحويطات على قبول شروط نزوحهم، هي نموذج مصغر لكل ما هو خطأ في نظام الحكم الاستبدادي المتهور والقاسي. وفي مواجهة احتمال التخلي عن أراضي أجدادهم، حيث عاشت القبيلة لمئات السنين قبل فترة طويلة من تأسيس المملكة العربية السعودية في العام 1932م.
ولا دليل على أن إخلاء قبيلة الحويطات كان الملاذ الأخير كما يقتضي القانون، ولا توجد عملية عادلة لتحديد ما إذا كانت الحكومة قد عرضت عليهم تعويضا مناسبا عن أراضيهم وممتلكاتهم الشخصية. ولا يوجد في المملكة العربية السعودية قانون للأراضي، ولا يوجد في قانون نزع ملكية العقارات لوائح واضحة بشأن عملية إعادة توطين وتعويض الأشخاص الذين فقدوا الأرض بسبب مشاريع التنمية.
ومن الواضح أن الحكومة فشلت في التشاور مع المجتمع المدني والمجتمعات المتضررة، وبدلاً من ذلك ذكر البرنامج الوطني لتنمية المجتمع بإيجاز أنه سيتم منح السكان تعويضات عادلة وسيحصلون على برامج الدعم الاجتماعي والاقتصادي. ولا يوجد ما يشير إلى أن الحكومة درست كيف ستؤثر نيوم على حقوق أبناء قبيلة الحويطات وعلى البيئة المحيطة.
ويبدو أن الدعم السياسي الذي تتلقاه السعودية من شركائها مثل الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي وإسرائيل شجعها على اتخاذ خطوات كثيرة ضربت بها حقوق المواطن السعودي عرض الحائط، دون أن تتعرض لعقوبات دولية رادعة.
ومعالجة الأمور على هذا النحو تنذر بمشاكل مستقبلية قد تتعرض لها المملكة العربية السعودية، فترحيل المواطنين وتهجيرهم من مكان إلى آخر دون رغبة منهم يشعل فتيل التأزم بين المواطن وحكومته، لذا يتطلب الأمر من الحكومة السعودية العمل على استمزاج المواطنين واشراكهم بالتنمية المحلية بدل العمل على تهجيرهم واكتساب نقمتهم.
ونحن كمنظمة حقوقية نؤكد على حق المواطن بالبقاء في أرضه وعدم اخراجه منها إلا بموافقة طوعية منه؛ غير مبنية على تخويف او تهديد، ونؤكد على ضرورة عودة السعودية عن خطواتها ورد الحقوق إلى أصحابها حفاظاً على تماسك الوطن والمواطن.