هل يستحق اللاجئون حول العالم اتفاقية دولية أكثر عدلًا من الاتفاقية الحالية؟
إنَّ حجم الخسائر البشرية التي أسفرت عنها الحرب العالمية الأولى والثانية دفع الحكومات إلى وضع قوانين دولية لحماية اللاجئين الفارين من مناطق الصراع، لكن الأمور أصبحت مختلفة في الوقت الراهن، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة حول التعريف الدقيق للاجئ، والحماية التي يستحقها بموجب القانون الدولي.
في منتصف العام 1951م تبنت الأمم المتحدة “الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين”، التي دخلت حيز التنفيذ عام 1954. وتعرف هذه الاتفاقية باسم “اتفاقية اللاجئين”، وقدمت مجموعة من المبادئ التوجيهية حول معاملة الفارين من الاضطهاد، لكن هل ما زال تعريف اللاجئين هو ذاته بعد مرور 70 عاما على الاتفاقية؟
اتفاقية اللاجئين؛ حدد تعريف اللاجئ لأول مرة منذ 100 عام، ففي عام 1921 وشكلت “عصبة الأمم” لجنة عليا للاجئين لمساعدة ملايين الأشخاص الذين أصبحوا بلا جنسية عقب الحرب العالمية الأولى، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واجهت أوروبا أزمة لاجئين أكبر مما اختبرته في الحرب العالمية الأولى.
وتُعَّرف الاتفاقية الأممية اللاجئ بأنه “شخص غير قادر أو غير راغب في العودة إلى بلده الأصلي بسبب خوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب تتعلق بالعرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة أو التوجه السياسي”. ويتمثل المبدأ الأساسي لحماية اللاجئ وفقا للاتفاقية في: عدم الإعادة القسرية، أي حظر إعادة الأشخاص إلى دول يواجهون فيها تهديدًا حقيقيًا بالاضطهاد.
وتطالب الاتفاقية دول العالم بعدم معاقبة اللاجئين الذين دخلوا حدودها بشكل غير قانوني، وذلك في حال وصولهم مباشرة من المكان الذي تعرضوا فيه للتهديد. كما تدافع الاتفاقية عن حقوق اللاجئين في العمل والسكن والتعليم في البلدان التي فروا إليها.
وألزمت المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان -الذي تم توقيعه في الأمم المتحدة عام 1948- دول العالم بحماية اللاجئين، ولكن اتفاقية اللاجئين لعام 1951 هي التي حددت الخطوط العريضة لتلك الحماية، واقتصرت النسخة الأولى من الاتفاقية على اللاجئين جراء الأحداث التي وقعت في أوروبا قبل عام 1951.
وفي العام 1967، وسَّع “البروتوكول المتعلق بأوضاع اللاجئين” نطاق الحماية، ليشمل اللاجئين من خارج القارة الأوروبية، ومدد صلاحيتها إلى ما بعد عام 1951. وفي الفترة بين عامي 1975 و1989 أدت الحروب بالوكالة خلال الحرب الباردة إلى نزوح الملايين، ليتضاعف بذلك عدد اللاجئين في جميع أنحاء العالم نحو 5 أضعاف، واستمر العدد في الزيادة منذ ذلك الحين.
هل هناك حاجة لتعريف جديد لاتفاقية اللاجئين؟
في منظمتنا نرى أنه مع مرور السنوات، وسعت المحاكم في مختلف دول العالم تفسيرها للاتفاقية. فعلى سبيل المثال، اعترف البعض أن الدخول غير القانوني للبلد لا ينبغي أن يمنع طالبي اللجوء من البقاء حتى لو مروا عبر دولة ثالثة. ونرى أنَّ الحقوق التي تمنحها الاتفاقية للاجئين تدعمها معاهدات أخرى لحقوق الإنسان، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، غير أن العديد من الأشخاص الذين أجبروا على ترك منازلهم لا تشملهم بنود الاتفاقية.
وقد استبعد الملايين من الأشخاص الفارين من الكوارث الطبيعية من التمتع بالحماية المنصوص عليها. وبما أن تغير المناخ يهدد كل المجتمعات بلا استثناء وترى المنظمة بأن “المهاجرين بسبب تغير المناخ” يستحقون الحماية الدولية، مثل بقية اللاجئين.
كذلك الامر مع آلاف اللاجئين الذي تقطعت بهم السُبل وانتقلوا من حدود دولة إلى أخرى طامعين بالحصول على الأمان والحياة المستقرة؛ لهم الحق باللجوء والموافقة عليه، والمثال الواضح في هذا الشأن اللاجئون السوريون الذين ينتقلون من دولة إلى أخرى ويتعرضون للعنف ولانتهاك الحقوق في ألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول.
لذا نرى لزامًا في منظمتنا ضرورة إعادة تقييم اتفاقية اللاجئين والاتفاقيات المرتبطة بها بما يتواءم مع التطورات التي أصابت كوكبنا وجعلت من عملية اللجوء ضرورة حتمية لمحافظة اللاجئ على حياته، وأهمية إلزام الدول بتطبيق بنود الاتفاقية الجديدة عند الوصول إليها، وهذا يتطلب تحرك دولي انساني ضاغط للإسراع بإقرار هكذا اتفاقية وعدم التلكؤ بإخراجها إلى حيز التنفيذ.